تليجرام تريند الخليج
إقتصاد

جزء من أزمة سلاسل التوريد العالمية بما فيها إمدادات الطاقة مصنوع

القاهرة – سبوتنيك. وفيما تذهب التفسيرات إلى أن الأزمة ناتجة عن تعافي الطلب العالمي بعد تراجع الإغلاق الذي سببه وباء (كوفيد-19)، وعدم قدرة منظومة الاقتصاد العالمي على تلبية الزيادة في الطلب، ترى تفسيرات أخرى أن الأزمة، بما فيها أزمة إمدادات الطاقة، مصنوعة بهدف تعويض خسائر فترة الإغلاق، فيما تتفق الآراء على أن الأزمة لن تكون بعيدة المدى.

تنافس شرس على صفقات

© AFP 2021 / NASSER YOUNES

المحلل المالي، نعمان خالد، يعتبر الأزمة جديدة على الاقتصاد العالمي ويربطها بالتعافي من آثار الوباء، إذ أوضح في حديثه الحصري لوكالة “سبوتنيك”، أن “أزمة سلاسل التوريد العالمية وما ينتج عنها، تعتبر أزمة جديدة من نوعها ولم تحدث قبل ذلك، وظهرت مرتين، مرة في بداية أزمة كورونا وما صاحبها من إجراءات إغلاق لعدد من الدول، وتعطل الاقتصاد جزئيا وتضررت حركة البضائع والأفراد على نحو واضح، هذه المرة كانت مفهومة وأسبابها مباشرة وواضحة”.

وأضاف خالد: “والمرة الثانية التي نعيشها حاليا عندما بدأ التحسن في الوضع الوبائي وتراجع الإغلاق مع ظهور اللقاح، وهو عكس ما حدث في المرة الأولى، انتشار اللقاح أنتج طفرة في النمو الاقتصادي عالميا، صعود تقريبا من الصفر، ارتفع الطلب على نحو كبير على الغاز والبترول والمعادن والطعام، طفرة حقيقية حدثت في الطلب، والمعروض ليس بنفس الحجم”.

وتابع: “وهذه الطفرة صاحبها أيضا تنافس شرس على صفقات ما بعد كورونا، لأن الفترة السابقة عليها تسببت في خسائر كبيرة، وكان هناك بالفعل شحنات كبيرة من وقت الأزمة، وبالطبع أنتج هذا ارتفاع في الطلب على البترول والغاز فارتفعت أسعار الطاقة، وهو ما رفع بدوره تكلفة الشحن، نتحدث عن أزمة متسلسلة، كل حلقة فيها تؤدي إلى التالية وتفاقمها. طبعا أزمة سلاسل التوريد لا تؤثر فقط على البضائع النهائية، ولكنها تؤثر بطبيعة الحال على السلع الوسيطة ومستلزمات الإنتاج، وهو ما يؤدي بدوره لتراجع العرض ويفاقم الأزمة، ومن هنا تأتي طبيعة الأزمة من حيث شمولها لكافة السلع، وشمولها للعالم”.

أزمة مصنوعة

© REUTERS / Mohammad Ponir Hossain

رغم تلك الأسباب، يرى خالد أن الأزمة في جانب منها مصنوعة، مؤكدا أن “جانبًا من الأزمة بالفعل مصنوع وليس حقيقي، مثلا الدول المصدرة للطاقة تستغل الأزمة لتحقيق أهدافها سواء الاقتصادية أو السياسية، روسيا مثلا تسعى خلال الأزمة لتصدير الغاز مباشرة لأوروبا عبر ألمانيا، كبديل لخط الغاز الذي يعبر أوكرانيا وبولندا، وهو ما ينتظر موافقة الاتحاد الأوروبي، والظرف الآن مناسب للحصول على تلك الموافقة وتحقيق هدف روسي، خاصة مع تراجع استخدام الفحم والتوجه للغاز وهو ما يجعل لروسيا ثقل استراتيجي أكبر في الفترة المقبلة. دول الخليج المنتجة للبترول أيضا تستغل الأزمة الراهنة لجني أرباح أكثر”.

ويرى خالد أن الأزمة تحمل في داخلها عوامل حلها، موضحا: “الارتفاعات الحالية في الأسعار الناتجة عن أزمة سلاسل التوريد ستؤدي بالضرورة لانكماش الطلب، وهي دورة اقتصادية تقليدية، الارتفاع المستمر في الأسعار يدعم العرض بالطبع، ولكنه بعد فترة يؤدي لانكماش الطلب، وبالتالي عودة السوق للتوازن. فمثلا الارتفاع الكبير في أسعار البترول سيؤدي للتوسع في إنتاج البترول، وخاصة البترول مرتفع التكلفة، وهو ما سيؤدي لزيادة العرض، وبالتالي تراجع الأسعار”.

لا يختلف الخبير الاقتصادي المصري، أحمد السيد النجار، في تحليله للأزمة كثيرا ولكنه يراها من زاوية مختلفة، خاصة فيما يتعلق بأزمة الطاقة، إذ أوضح في حديثه الحصري لوكالة سبوتنيك، أن “أزمة الطاقة تؤكد على أن الأزمة مصنوعة، والولايات المتحدة بالذات هي المستفيد الأول من تلك الأزمة، فقطاع النفط الصخري الأميركي لا يمكنه أن يعمل عند أقل من 45 دولار للبرميل، ستكون التكلفة غير اقتصادية إذا انخفض عن ذلك، وبالتالي قد ينهار مخلفا حوالي 300 مليار دولار استثمارات وقروض من البنوك، ولذلك من مصلحة أمريكا دفع الأسعار للارتفاع والحفاظ على الأزمة، حتى لو تناقض هذا الهدف مع قطاع من المستهلكين والمنتجين في أمريكا، ولكن إعادة إحياء قطاع النفط الصخري الأمريكي له أولوية، كذلك التنافس الأمريكي مع روسيا في قطاع الطاقة”.

تعويض الخسائر

ويرى النجار أن طبيعة الأزمة تشير إلى أنها مصنوعة، مؤكدا: “هذا النوع من الأزمات عادة مصنوع، بنية الاقتصاد العالمي لا تسمح عادة بحدوث أزمات من هذا النوع، إذا كان المنتج يعمل، وإذا كانت حركة النقل سواء البحري أو الجوي أو البري تعمل، فلا سبيل للأزمة إلا إذا كانت مصنوعة”.

وأوضح النجار: “أحيانا يكون هناك ارتفاع في الأسعار رغم انخفاض الطلب، وهو ما حدث في وقت كورونا، المستهلكون يفضلون الاحتفاظ بالسيولة في لحظة الأزمة، في حالة من هذا النوع الطلب يتراجع، وبالتالي حدوث أزمة في سلاسل الإمداد غير وارد وعادة تكون مصنوعة، وأحيانا رغم انخفاض الطلب ترتفع الأسعار، وهو الركود التضخمي كما يطلق عليه في الاقتصاد”.

وأشار النجار إلى أننا “وصلنا لنقطة سيئة جدا في 2020 بسبب الوباء والإجراءات المصاحبة له، والصعود بعدها يمكن أن يحدث ارتباك بالطبع، ولكن الصعود بعد الأزمة كما هو حادث ينتج أيضا ارتفاع أسعار نتيجة تضرر المنظومة الإنتاجية خلال فترات الأزمة، ومع النهوض لا تلتئم فورا منظومة الإنتاج لتلبية الطلب الجديد، كما أنه مع التعافي تزيد الرغبة في تعويض الخسائر السابق، لذا فجزء من صناعة الأزمة الحالية هو الاتجاه لتعويض خسائر 2020”.

وأكد النجار: “مدى هذه الأزمة ليس بعيدا، وغالبا ستنتهي قبل العام المقبل، عادة الأزمات المصنوعة تنتهي سريعا، لأن هناك من يسعى للرفع من قدرته على تقديم البدائل، وهو ما يزيد المنافسة ويدفع لإنهاء الأزمة”.

وأدى ارتباك سلاسل التوريد العالمية في الفترة الماضية إلى موجة تضخمية في العالم، تهدد بالتوجه لرفع أسعار الفائدة في اقتصادات مركزية حول العالم، ما يهدد الأسواق الناشئة بفقدان قدرتها التنافسية على جذب الاستثمارات في أدوات الدين، كما يرفع من أعباء الديون عليها.

SputnikNews ولا يعبر عن وجهة نظر منقول وانما تم نقله بمحتواه كما هو من SputnikNews

تليجرام تريند الخليج

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى