تليجرام تريند الخليج
السعودية

كرست حياتي لنزع الألغام في دول العالم

“كرستُ حياتي للمساهمة في عمليات نزع الألغام في العديد من دول العالم”.. هكذا فضّل السعودي أسامة القصيبي أن تستمر حياته العملية، بعد أن تدرب على يد خبير الألغام والمتفجرات البريطاني غاي لوكس إبان حرب الخليج لمدة 10 سنوات، وهو حالياً يشغل منصب المدير العام لمشروع (مسام) لتطهير الأراضي اليمنية من الألغام.

وروى أسامة الذي شارك مع الأمم المتحدة بجنوب لبنان في أكتوبر من العام 2001، كأول عربي حاصل على شهادة إدارة عمليات نزع الألغام من الأمم المتحدة، تجربته لـ”العربية.نت”، وتحدث عن مشواره العلمي والعملي، وعن إدارة مشروع “مسام”، بالإضافة إلى أهم التحديات التي واجهتهم.

كما قال “في ديسمبر من العام 2017، تشرفتُ بإدارة مشروع “مسام” لإزالة وتطهير الأراضي اليمنية من الألغام، والذي مازال يعمل للعام الخامس على التوالي داخل الأراضي اليمنية دون انقطاع لأي ظرف كان، حتى أثناء أزمة كورونا لم يتوقف عن المساهمة في حفظ أرواح الأبرياء وممارسة عمله الإنساني، فهو ضمن أهم الأعمال الإنسانية التي تقدمها السعودية للشعب اليمني”.

اسامة القصيبي

اسامة القصيبي

فكرة مشروع “مسام”

وخلال الحديث أوضح القصيبي، أن فكرة مشروع “مسام” جاءت لمساعدة الشعب اليمني للتغلب على المآسي الناجمة عن انتشار الألغام والعبوات الناسفة في العديد من المحافظات اليمنية، وتمكينه من العيش بسلام، ولأن هذا المشروع سيخدم المواطن اليمني ويضمن له الأمن والأمان، حيث انطلق مشروع “مسام” في منتصف يونيو من العام 2018 تحت مظلة مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية لنزع الألغام في اليمن، بخبرات سعودية وخبراء عالميين وكوادر يمنية دُربت على إزالة الألغام، بمختلف أشكالها وصورها التي زرعتها الميليشيا بشكل عشوائي في الأراضي اليمنية.

واستطرد الحديث: مشروع “مسام” حياة بلا ألغام، هذه الجملة تُلخص الهدف السامي للمشروع بتطهير الأراضي اليمنية من الألغام، فهو في المقام الأول مشروع إنساني يهدف لنزع وتدمير الألغام والذخائر غير المنفجرة والتي أودت بحياة الكثير من المدنيين العزل والأطفال والنساء والشيوخ.

مشروع مسام

مشروع مسام

أرقام وإحصائيات

وكشف القصيبي في حديثه: “تمكنت الفرق الهندسية لمشروع “مسام” منذ بدأ المشروع في منتصف يونيو عام 2018 بنزع حتى الآن 358,863 لغماً وذخيرة غير منفجرة وعبوة ناسفة، حيث تتمثل في 213,930 ذخيرة غير متفجرة و7467 عبوة ناسفة و131,890 لغماً مضاداً للدبابات و5,576 لغماً مضاداً للأفراد، كما تمكنت الفرق الهندسية من تطهير 38,487,863 متراً مربعاً من الأراضي في اليمن كانت مفخخة بالألغام والذخائر غير المنفجرة.

وجميع تلك الألغام والعبوات الناسفة والقذائف تم نزعها من قبل فرق مشروع “مسام” الهندسية منذ انطلاق المشروع في 11 منطقة يمنية وهي: صنعاء، الجوف، شبوة، مأرب، الحديدة، تعز، عدن، البيضاء، صعدة، الضالع، لحج.

كذلك، تتعامل فرق مشروع “مسام” مع نوعين من الألغام الأرضية المتعارف عليها، والألغام المحلية التي تعمل الميليشيا على صناعتها في المعامل الخاصة بها، بأحجام وأشكال وأهداف مختلفة وتمثل 85٪ من إجمالي الألغام المنزوعة، كما تتعامل فرق المشروع مع العبوات الناسفة التي تم تطويرها وتمويهها من قبل الميلشيا الانقلابية على شكل أحجار وخرسانات حديدية وغيرها من الأشكال المألوفة والخادعة، ومن الغرائب أن الميليشيا حولت علب الفول إلى متفجرات تضع قطعا حديدية وكمية من البارود وحشوة متفجرة متصلة بكبسولة كهربائية تنفجر بمجرد الاقتراب منها، بالإضافة إلى تمويه العبوات الناسفة على شكل صخور مفخخة أو جذوع نخل متفجرة ووضعها في مزارع المواطنين.

ويتعامل أيضاً المشروع مع عبوات ناسفة في إطارات السيارات وتمكن من نزع كميات هائلة من الألغام المموهة والخطيرة شديدة الانفجار، ومن ضمن الأشكال الخطيرة التي تستخدمها الميليشيات الانقلابية في الآونة الأخيرة الألغام القفازة أو ما يعرف بالألغام الانشطارية، وهي من الألغام المرتدة المضادة للأفراد.

ضمن أعمال المساعدة

ضمن أعمال المساعدة

التحديات تواجه مشروع “مسام”

كما قال القصيبي “نحن اليوم لا نواجه عمليات نزع الألغام بالمعنى التقليدي، وإنما نواجه حرب ألغام وعبوات ناسفة نتعامل معها بتقنيات حديثة، وبتدريب مستمر للفرق للتعامل مع الألغام المموهة والجديدة والمتطورة باستمرار والمزروعة عشوائياً على مساحات واسعة وبأعداد تصل إلى مئات الآلاف، وفقاً للمعايير الدولية المتعلقة بنزع الألغام، فمثلاً الألغام التي زرعت في العام الماضي اختلفت اليوم، وأصبحت أحدث وأكثر تطوراً وتعقيداً عن مثيلاتها في الأعوام الماضية”.

وختم حديثه قائلاً “في كل مرة يُستشهد أحد من زملائي في عمليات إزالة وتطهير الأراضي من الألغام أفقد جزءا من نفسي ويبقى الموقف عالقا في الذاكرة لا يمكن نسيانه على مر السنين، ونحن جميعاً نؤمن أنه في ميدان نزع الألغام نقدم التضحية التي تدفن فيها الحزن ليستمر العمل، وهذا أسمى أنواع التضحية والإخلاص في سبيل انقاذ حياة البشر”.

كما أضاف: “مجال نزع الألغام مجال خطر ونحن نعلم خطورة هذا الموقف، ففي كل يوم تنزل فيه إلى الميدان تكون عرضة لأن تفقد حياتك أو تتعرض لإصابة قاتلة أو إعاقة دائمة، ولكن عندما تعرف أنه في كل عبوة أو ذخيرة غير منفجرة يتم تدميرها يكون في مقابل ذلك حياة تنقذها على أرض الواقع ويكون الهدف الأسمى سيد الموقف.

وبين القصيبي أنه منذ بداية المشروع في العام 2018 تسببت عمليات إزالة الألغام في وفاة 30 من العاملين في “مسام” بينهم 5 خبراء أجانب، فيما أصيب 52 آخرون أثناء أدائهم واجبهم في نزع الألغام.

تليجرام تريند الخليج

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى