الصمت لغة العظماء – تريند الخليج

الصمت هيبه :

آه من دقة هذه الجملة، كم أراها عبارة مصاغة بمنتهى الصدق، فالصمت هيبة و وقار لا يعلمه الا ذو عقل و حكمة،الصمت حكمة.

تربينا منذ كنا صغارا على ” فليقل خيرا أو ليصمت”

و هي عبارة مقتصة من حديث شريف لسيد الخلق و من أصدق منه قولا و هو من قيل عنه ” و ما ينطق عن الهوى”

كما قال أيضا الصادق الأمين ” من صمت نجا”

كثيرا ما يكون الصمت أبلغ من الكلام، و كما قال شكسبير، هناك كلام لا يقول شيئا و هناك صمت يقول كل شيء….

أنصت كثيرا و أصمت مليا:

جاء إليك أحدهم مغاضبا و ألقى ما بيده أمامك، انتصبت من جلستك، صرخت و صرخ، تطور الأمر إلى عراك، تجمع الناس من حولكم، و قيل وقال، هرج و مرج،،،،،،،

و حينما جاءك، سألته ” ما بك” أجابك و علا صوته و انفعل و فعل و فعل، لكنك تنصت فقط في صمت، أفرغ ما في جوفه و أنت ثابت كالجبل، أدركت الآن ما حدث، بهدوء تام قفز إلى ذهنك الجواب مصحوبا بتدبر الأمر، هدأت الأوضاع، لم يدر أحد بما صار.

هاتان صورتان يتضح منهما أن الصمت و الإنصات ربما يكونا هما الحل الأمثل لكثير من الأمور.

أتذكر حينما جاءتك زوجتكزوجتك باكية، تنحب تارة و تسبك الأخرى، فقط كانت عيناك تراقبها في صمت.

ألم ترتم هي على كتفك في نهاية الأمر؟

نعم، كان صمتك هو فارس تلك اللحظة، لو نطق لسانك ربما كان حدث ما لا يحمد عقباه.

بينما حينما جاءك ذلك المتعجرف في الطريق متطاولا بدون اسباب الا ان كتفك لامس كتفه حينما كنت مسرعا و ثرت أنت لكرامتك التي جعلك تلملمها بملقاط، أستعد تلك اللحظة، ألم يكن من الأفضل أن تشيح له في صمت تاركا بعضه يأكل بعضه؟ أليس كذلك؟

ملكا بصمتك :

انت الآن في وسط لفيف من الحضور يتبادلون الحديث بشأن أمر ما.

و أنت تعلم بداخلك أنك اكثرهم دراية بهذا الشأن و لكنك آثرت ان تكون ملكا بصمتك.

فأنت لا تريد أن ترهق ذهنك بتلك الصفصته فأنت تعلم جل الموضوع.

تخيل معي صديقي أنك كنت مع نفس هذا الحضور و لكنك لست أعلمهم بل أقلهم دراية بما يتحدثون عنه.

و واصلت صمتك، و انتهى المجلس دون أن ينفضح أمرك، فهذه المرة أيضا آثرت أن تكون ملكا بصمتك.

لقد حفظ لك صمتك كرامتك في كلتا الحالتين.

انا لا أدعو للسلبية و اعتزال الآخرين، و لكنك يجب أن تعلم فقط متى تتحدث و ماذا تقول.

هكذا كان جدي :

لقد كان جدي رجلا قليل الكلام، و لكنه كان مهابا، كنت أخشي صمته.

و لكني كنت على يقين أنه متى تحدث سينصت الآخرين.

وحده من يصمت يجيد لغة العشاق، كانت الغرفة مضاءة بذلك الضوء الخافت و كانت هي في انتظاره.

يتعلق ناظرها بمقبض باب الغرفة ممنيا نفسه بأن يرى ذلك المقبض يرقص لأسفل ثم يترنح هاربا لأعلى…..

قلبها يخفق بصوت مسموع لا يضاهيه صوت الا صوت عقارب الساعة يتصارعان،، يتسارعان في انتظار الحبيب الغائب.

و لكن أذناها لا تسمع هذا و لا ذاك، فقط هي في انتظار أعتاب الرفيق العائد.

و كانت تلك اللحظة التي تحققت فيها كل الامنيات رقص المقبض و ترنح، زاغ البصر، وثب القلب و توقفت الساعة و طربت الأذن…..

جاء الحبيييييييييب……..

لم يتكلما و فرض الصمت نفسه و كان هو الغالب، تلك اللحظة تلاقت الأعين و صمتت الألسنة، همت هي بالكلام و أشار هو لها بالصمت.

سكتت و صمت و سمعا بعضهما…….

لا تسألني كيف؟

ان اردت نصيحتي التزم الصمت،

انه قد يكون أقوى اسلحتك في مواجهة أعدائك، سيجعلهم دائما في حيرة من أمرهم، مترقبين، لا علم لهم بما يدور بداخلك و ماذا و كيف ستكون ضربتك.

لا تخاطب سفيها بلسانك و لكن خاطبه بعقلك و اشعل غيظه بصمتك.

امتص غضب حبيبك بصمتك.

نل احترام الآخرين حينما يرونك صامتا أمام الغوغاء.

هل تعلم أنهم قد يصفقون لصمتك بينما يتهامسون لكلام الآخرين.

أتمنى أن اكون اقنعتك بالصمت و لكني أعلم أنك أبدا لن تقنعني أن أتكلم.